بيان الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد

يصادف اليوم الـ(9) من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة بموجب قرارها الصادر بتاريخ 13/10/2003م وذلك تجسيداً لإدراك المجتمع الدولي بأسره بما يحدثه الفساد من تداعيات وآثار سلبية مدمرة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقويضه الديمقراطية وسيادة القانون كما يؤدي إلى ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وتدهور الحياة وإعاقة تنفيذ خطط التنمية ويشجع على ارتكاب الجريمة المنظمة والإرهاب ومختلف التهديدات الماسة بالأمن البشري.. كما تمتد آثاره إلى منع الاستثمار ويحد من قدرة الدول على تقديم الخدمات الأساسية وتدهور الوضع الاقتصادي خاصة في البلدان النامية وزيادة حدة الفقر والبطالة فيها.
ولتلك الأسباب ولغرض مواجهة تلك الظاهرة جاءت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتوقيع عليها بالأحرف الأولى في المؤتمر رفيع المستوى المنعقد بمدينة ميريدا بالمكسيك في 9 ديسمبر 2003م بمثابة رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لديه الإرادة على منع الفساد بكافة أشكاله وصوره وبعدم التسامح مع خيانة الثقة في القطاعين العام والخاص وتؤكد على أهمية تعزيز قيم النزاهة والشفافية وأخلاقيات الوظيفة واحترام سيادة القانون والمساءلة القانونية حيال الأفعال التي تلحق الضرر بالأموال والممتلكات العامة.
تعد بلادنا من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (47) لسنة 2005م وأصبحت أحد أطراف هذه الاتفاقية وعملت على تنفيذ استحقاقات الاتفاقية في الجانب المؤسسي والتشريعي من خلال صدور العديد من التشريعات الوطنية منها القانون رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد والذي بموجبه تم إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وإعمالاً للمادة (6) من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي ألزمت كل دولة طرف على إنشاء هيئة أو هيئات معنية بمكافحة الفساد؛ كما صدر القانون رقم (30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية، والقانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقصات والمزايدات، وقانون غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وقانون حق الحصول على المعلومة وحماية الشهود والمبلغين ونحوها من التشريعات التي تعزز من أداء المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد.
يأتي الاحتفال بهذه المناسبة لهذا العام بالتزامن مع دعوة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لكافة الدول الأطراف في الاتفاقية الأممية لحضور اجتماعات الدورة الثامنة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي ستنعقد خلال شهر ديسمبر الجاري في مدينة أبوظبي والذي سيناقش عدد من المواضيع المتعلقة بمدى التزام الدول الأطراف بتنفيذ أحكام الاتفاقية ومناقشة تقرير الاستعراض للفصلين الثاني والخامس عن الاتفاقية، ولهذا الغرض قامت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بإعادة تشكيل فريق الخبراء الوطني الممثل فيه كافة أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد وشركائها من منظمات المجتمع المدني المناط به إعداد تقرير الاستعراض الذي يوضح مدى التزام بلادنا بالاتفاقية للفصلين الثاني والخامس من الاتفاقية.
إن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تؤكد بهذه المناسبة على أهمية تضافر الجهود وتكاملها بين أجهزة ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والسلطات المحلية ووسائل الإعلام ومناصرة الدور الذي تضطلع به في الحد من الفساد والوقاية منه وتؤكد أيضاً على أهمية دعم جهود الأجهزة الرقابية التي حرص اتفاق الرياض على إبراز أدوارها وتعزيز البناء التنظيمي والمؤسسي لها ورفدها بالكوادر المهنية النزيهة، والأمر الذي يدل على تعاظم الإدراك الأممي والإقليمي بخطورة ظاهرة الفساد.
وتؤكد الهيئة بهذه المناسبة على أهمية تعزيز كافة أشكال الرقابة الجماهيرية المجتمعية باعتبار تمثل الرديف في عملية مكافحة الفساد.. وما تمثله من دور بارز في كشف بؤر الفساد الذي تصاعدت حدته في الفترة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة مستغلاً الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها بلادنا بسبب الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة ومانتج عنه من تعطيل لمهامها.
ويدرك الجميع أن الحد من الفساد والوقاية منه مرهوناً بتحقيق السلام واستعادة دور الدولة وتطبيع الحياة في كل مناحيها؛ الأمر الذي يتطلب اصطفاف الجميع لإنجاز هذه المهمة الوطنية السامية.
صادر في التاسع من ديسمبر 2019م
العاصمة المؤقتة - عدن