كدت رئيسة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد القاضي أفراح بادويلان أن الهيئة أحالت 12 قضيه إلى نيابة الأموال العامة وأنها تحقق في عشرات القضايا الأخرى.
وفي حوار أجراه الصحفي فائز سالم بن عمرو لصحيفة " عدن الغد " ذكرت رئيسة الهيئة أن الإعلام هو مصدر ما يزيد على 30% من البلاغات المقدمة للهيئة في صورة للتفاعل بين الهيئة والإعلام. وقالت إن الهيئة نتعامل مع كافة البلاغات والشكاوى الواردة إليها بمعايير مهنيه وموضوعيه وباستقلالية تامة بعيدا عن الانتماءات الحزبية والولاءات الشخصية والحزبية ، والناي بالهيئة من أن تصبح أداة لتنفيذ توجهات وسياسات طرف ضد آخر. نص الحوار:
تمر بلادنا بعاصفة من الاضطرابات السياسية والحزبية بسبب المعاناة والفساد المستشري ؛ مما جعل كثير من القوى تركب موجة الفساد وتوجه الشارع لمصلحتها ، وحتى تنظيم القاعدة دخل على الخط محذرا من الفساد ، ونرى بالمقابل سكوت وجمود من قبل هيئة مكافحة الفساد تجاه هذا الملف المهم والخطير ، ما هي الخطوات العملية التي قمتم بها لكشف وفضح قضايا فساد حقيقية أو عملتم على استعادة أموال أو تغيير قوانين تشجع على الفساد والتهرب من المحاسبة والمسائلة ؟
في البدء اشكر اهتمامك بمكافحة الفساد وهو دلالة هامة على إدراككم لدوركم كإعلاميين ، وان شراكتكم مسألة ضرورية وواجب وطني ، والتزام ديني وقانوني وأخلاقي في المقام الأول . وأود التأكيد على أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ليست الجهة الوحيدة المعنية بمكافحة الفساد ، وإنما هي جزء من منظومة رقابية متكاملة يأتي ضمنها الجهاز المركزي للمحاسبة ، والهيئة العليا للمناقصات ، والقضاء ، ومجلس النواب ، والبنك المركزي ... الخ . ومن نافلة القول إن الفساد هو الوعاء الذي تنمو وتزدهر فيه الاضطرابات السياسية والأمنية ، وعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ، فضعف مرتكزات هامة للحكم الرشيد كالمسائلة والمراقبة والشفافية وسلطة القانون والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص يساعد على استشراء الفساد بحيث يتعدى الوقائع كالرشوة والغش إلى وضع قائم يسود كل مناحي الحياة ويضرب كيانها المادي والقيمي ، وهو الأمر الذي أكدت على تشخيصه ومعالجته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، وكذا الدراسات المتخصصة ، وتجارب الدول التي مضت قدما في بناء الحكم الرشيد الذي يعد محاربة الفساد عموده الفقري ؛ ناهيك عن التقارير الدولية وتقارير البنك الدولي . ولا شك إن التشريعات تلعب دورا أساسيا أما للتصدي للفساد أو تكريسه اعتمادا على النظام السياسي الذي قام بإنتاجها ، وإدراكا من الهيئة لمهامها وأهدافها نحو خلق بيئة تشريعيه حاميه للمال العام ؛ نعكف منذ أشهر مع شركائنا من أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة ممثلة بالأجهزة الرقابية والمجتمع المدني والوزارات المعنية كالخدمة المدنية والمالية على مراجعة كافة التشريعات والأنظمة المالية المعنية بالمال والوظيفة العامة ، ومواءمتها مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والاتفاقيات الدولية والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ، وقد أصدرنا قرار بتشكيل هذه اللجنة بإشراك تسع جهات ، وستلاحظ من خلال هذا العرض إن أمام الهيئة مهام غير عاديه تتوافق مع المنعطف التاريخي الذي تمر به البلد ، ويحق للهيئة أن تتقدم بمشاريع القوانين وتعديلاتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها ، وقد خطت الهيئة منذ تشكيلها منذ عام خطوات نعتبرها جيده مقارنة بالتحديات التي تحيق بها ، وفق ثلاث محاور رئيسيه وهي : التحري والتحقيق في البلاغات والشكاوى ، والوقاية وفي هذا الإطار تم تفعيل قانون الذمة المالية ، وكذا محور التوعية والتثقيف ، وتلك مهمة ليست باليسيرة فصياغة وعي الناس وإشاعة ثقافة مكافحة الفساد عمليه دقيقه تتطلب جهدا وخبره ووقتا ومالا وسياسات تعليمية وإعلاميه قويه وصادقه . فقد تم خلال هذا العام إحالة 12 قضيه إلى نيابة الأموال العامة تتعلق بالاستيلاء على المال العام واختلالات في المناقصات وتزوير في محررات رسمية ، فيما تحقق الهيئة في عشرات القضايا الأخرى ناهيك عن عشرات القضايا الأخرى يتم التخاطب فيها مع الجهات المعنية بهدف تصحيح الاختلالات الحاصلة في عملها . وفيما يتعلق بما تم استعادته إلى خزينة الدولة خلال الأشهر المنصرمة استعدنا ما يقرب اثنين مليار ريال من اختلالات صاحبت تنفيذ مشروع المحطة الغازية مأرب وتهرب ضريبي وجمركي ؛ كما تم استعادة ما يقارب نصف مليار ريال من تهرب ضريبي للقات ، ومن إحدى المؤسسات الإعلامية الرسمية ومجملها إجراءات احترازية ، ونتوقع استعادة المزيد لخزينة الدولة بعد صدور الأحكام القضائية ، كما قامت الهيئة بالبت في عشر قضايا لحماية المبلغين والذين تم التعسف ضدهم من قبل الفاسدين في جهة عملهم وإعادتهم إلى أعمالهم ، وقد وجهنا مجلس النواب من خلال رئيس الجمهورية بالإسراع في إصدار قانون حماية المبلغين القابع في أدراجها منذ فتره غير قصيرة . وبخصوص التشريعات تقدمت الهيئة وشركاؤها بصياغة وتقديم مشروع استرداد الأموال سبقته خطوات ايجابيه في إطار التعاون بينها وبين الحكومة ممثلة باللجنة الوزارية التي شكلت لذات الغرض . أما فيما يتعلق بالسؤال عن فضح وكشف قضايا فساد حقيقية فان ذلك يتعلق بقانون الهيئة الذي يمنعها من نشر المعلومة والبيانات ؛ إلا بعد صدور حكم قضائي بات ، ولا اخفي عليك إننا أحلنا للقضاء قضايا فساد يضلع فيها مسؤولون ممن يتمتعون بالحصانة ، كما أن القانون السيئ الصيت الخاص بمحاكمة شاغلي الوظائف العليا أصبح معيقا وتحديا كبيرا أمامنا وأمام القضاء لكشف حيتان السلطة والثروة أمام الرأي العام .
أقرَّت كثير من القوى السياسية والحزبية بالظلم والفساد الذي لحق بالجنوبيين ، وقد كانت قضية الجنوب أهم قضايا الحوار الوطني ، ولكن عمل هيئة مكافحة الفساد اقتصر على العاصمة ، ولم يتم إنشاء فرع لها في الجنوب أو في حضرموت ، وخاصة بان كثير من قضايا الفساد النفطي كانت في مناطق حضرموت ، بل تم الاكتفاء بلجان رئاسية وحكومية عديدة لم ترجع حقا أو تحاسب فاسدا أو توقف الهدر بالإنسان والثروة في الجنوب ؟ هل توجد للهيئة استراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد وتطوير القوانين ورد المظالم والحقوق للجنوبيين تماشيا مع مخرجات الحوار الوطني ؟
لم يعد هناك قوة سياسية أو حزبية لم تقر بالظلم والفساد الذي لحق بالجنوبيين ؛ واعتمدت القضية الجنوبية القضية رقم واحد في مؤتمر الحوار الوطني ، وأخذت حيزا كبيرا في المداولات . بل أن عدد من الفرق الأخرى لم تستطع تقديم محدداتها إلا بعد الانتهاء من تقديم محددات فريق القضية الجنوبية ، ومن ذلك فريق بناء الدولة ، وتم تأجيل بعض القضايا كما حدث في فريق الحكم الرشيد . وقد أثارت القضية الجنوبية كل هذا الجدل ؛ لأنها المدخل والمفتاح لحل الأزمة الوطنية ككل لعدالتها ومشروعيتها ، وقد أثريت بالتصورات والرؤى من كافة الأطراف السياسية والفعاليات الغير موطرة حتى أثمر ذلك بالرؤية التوافقية لفريق القضية الجنوبية حول الجذور والبعد الحقوقي والسياسي والثقافي وصولا إلى التقرير النهائي الذي احتوته مخرجات المؤتمر ؛ ولاشك أن أي قضايا ذات صله بجرائم الفساد في الجنوب وتندرج ضمن اختصاص الهيئة باشرنا النظر فيها وتم التصرف في بعضها وتتركز معظمها في مجال النفط والكهرباء والغاز وأعمال الإنشاءات ، وقد أحلنا ملف متكامل للنائب العام حول الفساد في اتفاقيات النفط والغاز ، وكذا تعويضات مطار سيئون وصندوق أعمار حضرموت ، ووقف التصرف في مخططات أراضي وغيرها من القضايا . وفتحت الهيئة ملف نفط الكلفة ونعني به كل الصرفيات التي تصرف على عملية استخراج النفط ومنها ما يصرف لشركات الأمن والعمالة والتغذية والخبرات وعمليات الحفر والفحص ... الخ ، وبهذا تصير كلفة البرميل الواحد من النفط كلفه ناهضه بسبب هذه المصاريف ، قد تصل إلى ثلاثين دولارا تتحملها الدولة بينما هي في دول الخليج مثلا ثلاثة دولارات . وهو ملف مترع بالفساد وتعتبر حضرموت من المناطق المستهدفة كونها منطقة طفرة اقتصادية وتم في الأسابيع الماضية التخاطب مع وزارة النفط ولجنة النفط واللجنة المعنية في مجلس النواب كشركاء معنا في حل لغز هذا الملف الذي يهدر ثروات البلد ويخسرها مصدر رئيس من مصادر التنمية . وندعو كافة الخبراء في هذا الشأن الوقوف مع الهيئة ؛ لتشخيص القصور وإيجاد الحلول ، وتعد الهيئة ملزمه بتنفيذ كافة مخرجات مؤتمر الحوار ، وقد شرحت لك سلفا نشاطنا في مجال التشريعات. والحق انه من استراتيجيتنا، بل يمليه قانون إنشاء الهيئة إنشاء فروع في المحافظات وبالتأكيد حضرموت من باب أولى كونها من الأوعية الاقتصادية الرافدة لخزينة الدولة ، ولكن تقف أمام الهيئة تحديات تحول دون ذلك ساهمت فيها الرؤية القاصرة من قبل الحكومة ، ونأمل خيرا في المستقبل في استيعاب مهام الهيئة وتمكينها من التمدد الجغرافي ، وبالرغم من ذلك فالهيئة تجاهد في عدن والحديدة وعمران والمهرة وغيرها من محافظات الجمهورية .
المتابع لقانون رقم (39) لسنة 2006م بشــأن مكافحة الفســاد ولائحته التنفيذية يجد القانون يفصل في التعاطي مع الإعلاميين واعتماد بلاغاتهم وشكاويهم ، لكن واقع الإعلاميين لا يجدون تواصل أو اهتمام بما ينشرونه عن الفساد ، بل أن البعض حاول التواصل مع الهيئة في قضايا فساد ، ولم يتم التفاعل أو النظر في شكاويه ؟
لا ازكي هذا الطرح كون التنسيق مع الإعلام لتوعية المجتمع وتبصيره بمخاطر الفساد وأثاره وكيفية الوقاية منه يعد أهم اختصاصات الهيئة وفقا لقانونها النافذ . والهيئة في هذا الشأن تباشر من تلقاء نفسها التحري والتحقيق في وقائع الفساد المنشورة في مختلف وسائل الإعلام ولدينا قطاع مختص بالإعلام ولدينا راصد إعلامي صحفي يعمل على مسح كافة البلاغات والتقارير المنشورة في الصحف الرسمية والحزبية والمستقلة والمواقع الالكترونية وتضمينها في استمارات خاصة تحال إلى دائرة البلاغات والشكاوى لدراستها وتكييفها قانونا ، ورفعها إلى رئيس الهيئة لتحديد القطاع المختص بالتحقيق فيها ، وهناك ما يزيد على 30% من البلاغات مصدرها الإعلام ، ونجد صعوبة في موافاتنا بملفات وأوليات البلاغ والأدلة التي استندوا عليها. كما أنشأنا الحلف الإعلامي كواحد من أحلاف كثيرة سعت الهيئة لإنشائها إيمانا منا بالشراكة في مكافحة الفساد ، وقد تم توقيع اتفاقية تفاهم مع وزارة الإعلام وبعض وسائل الإعلام الأهلية والرسمية حرصا لإقامة شراكة حقيقية معهم وتأثيرها القوي في نشر ثقافة مكافحة الفساد وغرس مفاهيم النزاهة والشفافية والمسائلة ومبادئ الحكم الرشيد . الإعلام شريكنا في نشر المعلومة وفضح الفاسدين ، ولذا نمد يدنا مع وسائل الإعلام المختلفة للقيام بدور حقيقي وفاعل في المكافحة والوقاية ، وبناء الوعي الايجابي .
الفساد في اليمن يأخذ مناحي كثيرة جدا ، وأخطرها الفساد القانوني ، فكثيرا ما نواجه كإعلاميين طريقا مسدودا عند معالجة قضايا فساد ، فلا يوجد قانون يمنع ويجرم حمل السلاح ، وكذلك قانون التعامل مع شركات النفط لا يشترط مسافة آمنه لحقن المياه المعادة من عملية الحفر . فلماذا لا تشرع الهيئة على إعداد قوانين تحمي المواطن وثروات الشعب وحقوقه ؟
لا يمكن للهيئة تجاهل دور الجهات المختصة الأخرى في الدولة أو التدخل في اختصاصاتها، فنحن جزء من منظومة تحكمها القوانين . فهناك قوانين تندرج تحت اختصاصنا وأخرى من اختصاص جهات كالداخلية والقضاء ، خصوصا القضايا المتعلقة بالجنايات والحقوق الشخصية ؛ أما ما يتعلق بالفساد القانوني أو التشريعي ، فكما أشرت سلفا فان دورنا مفعَّلٌ من خلال دراسة وتقييم التشريعات المتعلقة بالمال والوظيفة العامة ، واقتراح مشاريع التعديلات عبر اللجنة التي انشأناها مع شركائنا لهذا الغرض . ونرحب في هذا الشأن بكل المبادرات والخبرات والملاحظات فالكل شريك فعلي ولدينا أولويات في هذا الشأن ، كالنظر في قانون مكافحة الفساد ، وقانون الذمة المالية ، فضلا عن قوانين سابقه لصدورهما كقانون الإجراءات الجزائية والعقوبات وإنشاء الجهاز المركزي للمحاسبة وإلغاء القانون رقم (6) لسنة 95م بشان إجراءات محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا ، فقد أصبح هذا القانون لا يتناسب والتوجه لبناء دولة الحكم الرشيد ، ويتعارض تماما مع مخرجات الحوار الوطني ناهيك انه عقبة كبيره تعيق عملنا وللأهمية انوه أن الهيئة ستكون احدي الهيئات الدستورية تعزيزا لاستقلاليتها وصلاحياتها وهو ما تعمل على صياغته حاليا لجنة الدستور . وفيما يتعلق بقانون التعامل مع الشركات النفطية فان اليمن لا يوجد بها قانون للنفط ، وهذا بحسب تقديري أمر في غاية الخطورة والأهمية ، ولابد من وجود هذا القانون ليعمل كضابط عام لمعايير التعامل مع الشركات ويجعل من المصلحة الوطنية مقياس ومرجع ويحمي مستقبل الثروة المادية والبشرية ، وتلزم الشركات بذلك وتفرض عليها عقوبات وتعويضات ، وهذا معمول به في كل الدول النفطية وهو موضوع يتعلق بالسيادة والأمن القومي ويتوجب أن يكون مرجع تشريعي رئيس لكل اتفاقيات الثروة المعدنية والغازية ، والتي تكتنفها العديد من الاختلالات وتعفي الشركات في الغالب من تنمية المجتمع والبيئة المحلية وضمان عدم تدميرها بما في ذلك تدمير صحة الإنسان والتربة والماء والثروة الحيوانية ؛ فمسألة كالمسافة الآمنة لحقن الماء المعاد من عملية الحفر أو التخلص من النفايات بدفنها والأبخرة المتصاعدة وغيرها أمورا يجب أن تحتكم إلى القانون لتعلقها بالأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا ، ويجب إلا تترك الاتفاقيات هكذا تشكل قانون لوحدها دون مرجع رئيس .
المادة " 21 " من قانون مكافحة الفساد توضح بشكل جلي كيفية التعامل مع مظاهر الفساد في الأداء الحكومي ، ما موقفكم من حكومة الوفاق الوطني والشكاوى المتكاثرة لاستغلال السلطة والنفوذ لأغراض حزبية وسياسية ، هل تم اتخاذ أي إجراءات عملية لكشف الفساد ومحاسبة المخالفين ؟ .
نتعامل مع كافة البلاغات والشكاوى الواردة إلينا بمعايير مهنيه وموضوعيه وباستقلالية تامة بعيدا عن الانتماءات الحزبية والولاءات الشخصية والحزبية ، والناي بالهيئة من أن تصبح أداة لتنفيذ توجهات وسياسات طرف دون آخر ؛ والحكومة طبعا تخضع لرقابة الهيئة ، ولكننا في وضع تعترض فيه جهود مكافحة الفساد الكثير من التحديات والكثير من المقاومة من قبل فاسدين تمكنوا من المزاوجة بين السلطة والثروة ، والعملية تتطلب وجود إرادة سياسيه قويه وداعمة ، وتتطلب عملا منظما وتشاركيا وتتطلب تشريعات قويه ونافذة ؛ تتطلب تقوية أدوات الهيئة ، فليس من السهل أن تحاسب متنفذا .
يشكل تكرر انقطاع التيار الكهربائي مشكلة كبرى في جميع إنحاء الجمهورية ، ويطالب المواطنون بالكشف أو إلغاء اتفاقية الطاقة المشتراة بين وزارة الكهرباء وبين شركة حضرموت الاستثمارية لتوليد الكهرباء المحدودة ( باجرش) وغيرها ، كما يطالبون بان تتبع إدارة التوليد بالسلطة المحلية بالمحافظة وليست مرتبطة مباشره بصنعاء ، علما بان ما تصرفه المحافظة في سنة واحدة على هذه الطاقة المشتراة يمكن تعزيز شركة الكهرباء المحلية بمولدات كهربائية وبتكلفة اقل ؟
شراء الطاقة قضية من القضايا الهامة ، ومن الوارد أن تشوبها العديد من الاختلالات والإضرار بمصلحة الدولة ومواطنيها وتنظر الهيئة في أحداها وتستكمل التحقيق فيها ، وأحالت قضيه أخرى إلى نيابة الأموال العامة متعلقة بفساد أدى إلى خروج إحدى المحطات عن الخدمة ، وكذا ما تم اتخاذه من قبل الهيئة في الموضوع المتعلق بإعادة تقييم وتحديد احتياجات محطات توليد الكهرباء العاملة بوقود الديزل استنادا إلى توجيهات فخامة رئيس الجمهورية التي قضت بالرقابة على استهلاك الوقود المخصص لمحطات توليد الكهرباء ، حيث توفرت معلومات أوليه عن وجود تلاعب في كميات الديزل التي يتم منحها مجانا لمحطات توليد الطاقة الكهربائية بموجب عقود شراء الطاقة التي تدفع قيمتها المؤسسة العامة للكهرباء فيما يتم دفع الباقي من وزارة المالية مباشرة مما انعكس سلبا على الاقتصاد الوطني ، وكبَّد الخزينة العامة للدولة خسائر ماليه كبيرة .
تفاجأ المواطنون الذين ما زالوا يعانون من أثار كارثة الأمطار والسيول عام 2008م بتوقف عمل صندوق أعمار حضرموت والمهرة دون أن يحصل المتضررون على تعويضاتهم المستحقة . ما هي الإجراءات التي اتخذت ضد صندوق أعمار محافظة حضرموت والمهرة ، وهل يجوز إغلاق الصندوق بحجة الفساد علما بان صندوق أعمار ذمار ما زال يعمل حتى الآن منذ عام 1982 ؟ .
هناك العديد من البلاغات تتعلق بعمل الصندوق ، ولا نستبق الأحداث فللقضاء الكلمة الفصل ؛ منها ما هو خاص بمشاريع كهرباء الأرياف الدعم الإضافي م/ حضرموت ؛ وكذا الصرف على مشاريع خارج اختصاص الصندوق من أموال الصندوق ، ولم تعمل الهيئة إطلاقا على إيقاف عمل الصندوق ؛ لان ذلك فيه ضرر بالمصلحة العامة .
يعتقد المواطنون بعدم وجود جدية حقيقة في محاربة الفساد خاصة مع وجود ثغرات قانونية ومشاريع وهمية تساعد على استمرار الفساد وازدهاره مثل الرسوم التي تأخذ من وزارة الصحة تحت مسمى " الدعم الشعبي " ، وكذلك " التعليم الموازي في الجامعات اليمنية " ، وكذلك الإحلال الوظيفي الذي اتخذه كثير من المتنفذين لتوظيف أولادهم وأقربائهم دون وجه حق ؟
قضايا الفساد شائكة ومتعددة ومتوغلة في العديد من مفاصل الدولة وقطاعاتها الخدمية والبعض منها ما تطرقت له في سؤالك من وجود اختلالات مالية وإدارية متعلقة بتحصيل الرسوم في مختلف وحدات الجهاز الإداري والاختلالات المتعلقة بالتوظيف وغيرها من القضايا وردت إلينا ، وتعمل القطاعات المختصة على دراستها تمهيدا للتصرف فيها . ونباشر حاليا مهامنا بشان توجيهات فخامة رئيس الجمهورية إلى الحكومة حول مراجعة الاستراتيجية الشاملة للإصلاح الإداري والمالي ؛ وكذا توجيهاته بما يوجه موارد الدولة نحو النمو الاقتصادي ودعم سلة الضمان الاجتماعي للحد من لفقر والبطالة وإصلاح الخدمة المدنية بإنهاء الازدواج الوظيفي من خلال تطبيق نظام البصمة والصورة ؛ لتنظيف سجلات الخدمة المدنية والعسكرية التي يكلف الفساد فيها موازنة الدولة أعباء كبيرة ، وكذا العمل على تعزيز موارد الدولة من خلال إصلاح أوعيتها الإيرادية من ضرائب وجمارك ومياه وكهرباء... الخ ، ومتابعة إي اختلالات من اجل تجفيف منابع الفساد ومحاسبة المخلين مهما بلغت مستوياتهم في السلطة ، وقد خاطبنا الجهات المعنية في الخدمة المدنية والداخلية والدفاع ومصلحة الضرائب بشان التقيد بتنفيذ التوجيهات الرئاسية .
بصراحة الدولة لم تقم بأي خطوات في محاربة الفساد في قطاع النفط حيث أثيرت قضية الفساد في شركات النفط في مناطق الامتياز بحضرموت والمبالغ التي تدفع للقوات المسلحة المعروفة " بحراسات أنابيب النفط " ، هل مجال الطاقة والنفط في مناطق الامتياز مسكوت عنه ، ويقع تحت توافقات سياسية وحزبية ، ومتى سيتم إنهاء القتل والظلم الذي يتعرض له سكان مناطق الامتياز من أمراض سرطانية وتجاوزات في إهدار الثروة السيادية ؟
حقيقة مكافحة الفساد يحتاج إلى جهود متضافرة وجبارة والى عمل منظومي محكم تقوم فيه كل جهة بواجبها سوى الأجهزة التشريعية أو القضائية أو الرقابية فالفساد ممكن يدخل من أي فجوه إذا لم يكن هناك تكامل في جهود المكافحة والصرف على موضوع امن الشركات واحد من الأسباب التي تؤدي إلى رفع كلفة برميل النفط وتدفعه الدولة من حصتها ، وبالتالي يؤثر سلبا على المردود الاقتصادي القومي . وحقيقة تنظر الهيئة عدد من ملفات هذا القطاع الحيوي توجد بها اختلالات في القطاع النفطي الخام والغاز المسال والاتفاقية النفطية الخاصة بالقطاع النفطي 32 ؛ وهناك العديد من وقائع الفساد في هذا الملف منها عمل بعض الشركات في ظروف غير قانونيه كالحصول على تراخيص مزورة ، وأحلنا عدد من القضايا إلى النيابة . ولا يخلو الموضوع من أبعاد واتجاهات متعددة ، فالفساد كيان يحمي بعضه البعض . وحول ملاحظتك على ما يتعرض له المواطنون من قتل وظلم وهم القاطنون في مناطق الامتياز هو نتيجة حتمية للاختلالات في هذا القطاع وبالذات الاختلال التشريعي وهناك دور كبير يجب أن تضطلع به الأجهزة الأمنية والقضائية .
شكلت قضية نهب ارض " هاف مون " وتوزيع شواطئ شارع الستين بمدينة المكلا قضية رأي عام ضد الفساد واستغلال السلطة ، وعلى الرغم من ثوران الشارع وتحرك النائب العام بالتحقيق العاجل في القضية لكن الهيئة لم تتخذ أي اجراءت عملية واقعية توقف هذا الفساد ، فضلا أن تحاسب من قام به ؟
كان دور الهيئة حاسم في هذا الموضوع وأصدرت قرارها بوقف الصرف في هذه الأراضي في غير الأغراض المخصصة لها . وحقيقة ملف الأراضي من الملفات الشائكة ويتطلب أن تلعب الجهات المعنية دورا متعاظم للحد من العبث به .
كالعادة المتعبة اترك لكم ان تتحدثوا عن المشكلات والمعوقات التي تعرق عملكم من خلال تجربتكم وعملكم في رئاسة هذه المؤسسة القضائية والدستورية المهمة جدا نحو محاربة حقيقية للفساد والمضي في ترسيخ الحكم الرشيد ؟
أكدت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بصوره واضحة على أن التعاطي مع الفساد يمثل أولوية لجميع اليمنيين ، كما إن اتفاقية السلم والشراكة الوطنية الموقع عليها من كافة الأطراف في 22 سبتمبر الماضي قد وضعت مكافحة الفساد في صدارة أجندتها ، وكذلك إطار المسؤوليات المشتركة بين الدولة والمانحين ، ومصادقة مجلس النواب على قانون حق الحصول على المعلومة وكذا المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة وعكستها في قوانينها . كل هذا يأتي في مقدمته الإجماع الوطني الشعبي على وضع نهاية للفساد وتحقيق رغبة المواطن أن يرى مداخيله القومية تصب في المدارس والوحدات الصحية ، وليس في جيوب النخبة الفاسدة ويريد الحصول على حقوقه دون دفع رشوه . كل هذا الإجماع الدولي والمحلي الرسمي والشعبي يجعل من غير المقبول أن تظل أدوات مكافحة الفساد ، ومنها الهيئة الوطنية العليا التي تمثل أعلى هيئه رقابية في البلد ؛ في مواجهة أي تحديات تثبط همتها وتعيق سيرها ، بل إن الدولة ملزمه إلزاما قانونيا بإزاحة هذه العراقيل والإسراع بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار للتي تعتبر بمثابة الخطة العامة للدولة واستراتيجيتها في بناء الحكم الرشيد ، وهو ما يعزز الإطار القانوني المفتقد لمكافحة الفساد . تواجه الهيئة العديد من التحديات منذ بداية عملها مع ثقتنا الكبيرة بتوفر أراده سياسيه صادقه لفخامة رئيس الجمهورية ومساندته الدائمة للهيئة في تفعيل مهامها واختصاصاتها ، ومع إيماني الشديد بان مكافحة الفساد هو جهد طويل المدى ومشروع استراتيجي وليست سيناريوهات قصيرة المدى ؛ استطيع أن اعرض علي المواطن وبشفافية تامة بعضا من هذه العراقيل ، ولعل أهمها ضعف الإطار التشريعي ومن ذلك ضعف الصلاحيات الممنوحة للهيئة في إطار التحقيق والمحاكمة وغموض الإجراءات القانونية في قضايا الفساد ، وكذا النحو الذي سارت عليه صياغة قانون الذمة المالية والذي يعد أهم الأعمدة القانونية لصيانة كرامة الوظيفة العامة وعدم استغلالها للإثراء الغير مشروع ، ويحتاج إلى عملية تحديث تتواكب مع مبادئ الشفافية والمحاسبة وحق الحصول على المعلومة ، وكذا الحصانة القانونية الممنوحة لكبار المسؤولين اللذين تحوم حولهم شبهة الفساد . هناك أيضا معوقات بنيوية ومؤسسيه منها الموازنة التي لا تفي بتسيير أعمال الهيئة وأنشطتها مقارنة بالاستراتيجيات والخطط المقترحة وتزايد البلاغات والشكاوى وحجم القضايا المنظورة وتزايد ضغوط الرأي العام في الدور المأمول منا ؛ وتقف الصعوبة المالية أمام رغبتنا في فتح فروع في المحافظات وافتقار الهيئة إلى كفايتها من الكادر الفني في القانون والهندسة والمحاسبة ..الخ ، وكذلك عدم وجود محكمه متخصصة في جرائم الفساد ؛ ضيق المبني وعدم استيعابه لقطاعات الهيئة ناهيك إننا الآن أنجزنا الهيكلة الإدارية ونقف حائرين أين تستقر الدوائر والأقسام ورئاسة القطاعات ..الخ . هذا باختصار لبعض التحديات بيد إنني أؤكد على مسالة في غاية الأهمية وهي إنني حين اعرض بعضا من معاناتنا ليس معنى إننا لن نمضي ؛ نحن ماضون رغم التحديات ونفوسنا مملوءة بالأمل ويدل على ذلك عرض بعض الانجازات في مستهل حديثي ، وندعو الجميع إلى الاطلاع بدورهم الديني والوطني في دعم جهود مكافحة الفساد فهي مهمة مناطة بالجميع. |